
: انت عبيط ياعم ؟؟؟
: اه ياعم انا عبيط ! فيه حاجة ؟؟؟ مش عاجبك ؟؟؟؟؟
: انت عارف انت بتقول ايه !؟!؟!؟ كانت ايام سودة الله لا يعيدها علينا ! ده انت صحيح غاوي هم !
: ايوة يابني انا عارف انا باقول ايه ! والله ياعم كانت احلي ايام حياتي ! تحب تبدل ؟؟؟
( نظرة ذات بريق لامع لا اجد لها معني إلا المكر في عينيه )
: علي العموم دار الخزين في الوسطاني لسه ماتهدتش خدها ياخويا وروح اقعد فيها لما نشوف هاتهبب ايه !؟
( الوسطاني هو احد الاحواض الزراعية في الجهة البحرية من بلدتنا الصغيرة )
هذا الحوار القصير دار بيني وبين خليفة ابن عمي الذي يقاربني في السن وهو ايضا رفيق ايام الصبا الذي لم يكن يفرقنا الا النوم ايام طفولتنا اثناء زيارتي للبلد بعد زواجي بستة اشهر وبعد انقطاع عن البلد دام لاكثر من عشر سنوات شغلتني الدنيا بالعراك الدائم بيني وبينها وبالجري فيها محاولا ملاحقتها لكن هيهات ثم هيهات ثم هيهات ( حلوة هيهات دي بصراحة - مش قادر الحقها ابدا )
بعد الانتهاء من زيارتي لكل من اريد ان اراه في بدلتي المحبوبة التي تتبع احد مراكز طنطا في محافظة الغربية وتبعد عن مدينة طنطا بحوالي 30 كيلومتر والتي لم تنال منها المدنية الحديثة بكل بشاعتها الا من مايقارب 5 سنوات قبل انقطاعي عن زيارتها .
اجد قدماي تحملاني الي دار الخزين في حوض الوسطاني مع بداية ساعات العصاري .
اقف متأملا ماتبقي من واجهة الدار اري بيت قديم من بيوت الفلاحين متوسطي الحال بني بالطوب اللبن ( طمي من الارض الزراعية مخلوط بعيدان من قش الارز لم يحرق بالنار ) اري الشباكان ذوي القضبان الحديدية من الخارج وباب الدار الخشبي الكبير من خشب البلوط ومازال يتعلق به المقبض النحاسي الكبير علي شكل قبضة يد مضمومة فاتقدم وادفع الباب الخشبي الكبير الذي يصدر صريرا زو صوت عالي لينفتح علي مدخل الدار ادخل من الباب وانزل علي ما يشبه درجتين من الحجارة ( فقد ارتفع الطريق في الخارج عن واجهة الدار بما يقارب المتر ) اجد علي يميني باب المندرة القبلية للدار والتي لها الشباكان علي الواجهة انظر من خلال الباب لآجد اشولة مكدسة تملاء المكان ولا اكاد اري شيئا في الداخل فاتقدم الي وسط الدار حتي اصل الي باب القاعة ايضا علي يميني افتح بابها فإذا هي مظلمة تماما اقف قليلا واجد نفسي تلقائيا انظر لآعلي سقف القاعة المظلمة ولا اري اي شيء ارجع للخلف عدة خطوات لآستند بظهري تلقائيا علي عامود وسط الدار ولا ادري كيف وصلت اليه دون ان اقع او اتعثر في شيء وعامود وسط الدار عبارة عن جزع شجرة سنط طويل وسميك ترتكز عليه جميع اخشاب سقف الدار طولا وعرضا . اقف قليلا لآجد محمود الصغير احد ابناء خليفة ابن عمي يدخل من باب الدار الكبير
: بتعمل ايه هنا ياعمي غاوي ! تعالي نجعد ورا الدار عند المربط ! هناك الحصيرة والشاي والسكر والمكان كمان انضف
: عايز تجعدني في مربط البهايم يابن ......... ؟!؟!؟!
( وإذا بالولد ينفجر بالضحك مقهقها ويقول )
: بهايم ايه بس ياعمي انا ماشفتش بهايم في المربط من ساعة ماتولدت !!!
( انظر إليه مستنكرا ولكن لا اعلق فأنا اعرف الدار جيدا واعرف كل مكان فيها وحضرت بنائها من اول طوبة للبنية تم صبها بالقالب واعرف الغرض من كل جزء فيها . اتجاهل حديثه وانادي عليه )
: واد يا محمود
: نعم يا عمي ؟
: شايف سجف الجاعة ده ؟؟؟
: أيوة !
: تعرف تطلع السطوح عنده ؟؟؟
: لا ياعمي واني مالي !!! السجف يوجع بيا !!!
: ماتخافش يابن ...... !
: لا ياعمي واني مالي ماليش دعوة .
( ينظر الي مرتابا متسائلا ثم ينطق موجها كلامه لي )
: عايزني اطلع فوج ليه ؟!؟!؟!
: عايزك تطلع تكشف الرازونة !
( ينظر الولد الي مندهشا وكأني كائن فضائي غريب هبط من كوكب اخر وبعد حين ينطق ثانية )
: يعني ايه رازونة !!!؟؟؟
: رازونة السجف ياولا بتستعبط عليا ؟؟؟
: معرفهاش يا عمي والله وانا مالي بجا ماليش دعوة !!!
( نفس النظرة المندهشة علي وجه الصغير ذو التسع سنوات )
: طب تعالي هانطلع سوا انا وانت !
: لا ياعمي انا ماليش دعوة ابويا يضربني !!!
: تعالي يا ولا ماتخافش
امسك الصغير في يدي واتجاوز وسط الدار خلف القاعة لآجد سلم الدار انظر للصغير في يدي مازال مندهشا ازيل بيدي الاخري بعض الألواح الخشبية التي تسد السلم اتقدم ويتبعني الصغير في يدي الاخري واجده قد تشجع واقدم علي الصعود بروح تتشوق للمغامرة بعد خمس درجات اجد نفسي علي السلم كما لو اني في العاشرة من عمري اسرع وخلفي الصغير بعد ان تركت يده اصل لسطح الدار متوجها الي سقف القاعة واسمع صوت الاخشاب في كل خطوة اخطوها تحت قدماي وخلفي الصبي يتبعني بحذر حتي اصل لوسط سقف القاعة اجدني انزل علي ركبتاي وابداء في إزالة التراب واكوام القش حتي اصل بيدي لبداية الحفرة القديمة قطرها 30 سم تقريبا واسفلها عيدان من جريد النخل تمنع سقوط القش واعواد الحطب علي ارض القاعة .
ينظر الي الصبي وهو يزداد دهشة !
اقف مزهوا بنفسي امام الصغير وكأني فاتح عكا
: هي دي الرازونة ياولا .
: بتاعة ايه دي ياعمي !؟!؟!؟
: بتنور الجاعة يا جحش .
( اجد نظرة ساخرة علي وجه الصغير لم تدم طويلا )
: يا عمي ايه الهم ده كله !!! ماكنت تجيد النور وخلاص !!! جال ايه جاعد في مصر !!!!! ( ينفجر الولد ضاحكا )
اقف مصدوما بأول المظاهر للمدنية الحديثة البشعة ( الدار فيها كهربا ) oppsss انظر حولي محاولا الخروج من مظهر الاحمق امام الصغير اجد سطح الدار علي حاله تقريبا منذ اكثر من خمسة عشر عاما الاركان مزينة بأقبية الخزين ( الماطر ) وبين كل ماطر والاخر عامود مستدير من اقراص الوقود الطبيعي ( اقراص الجلة ) واكوام من من حطب القطن وقش الارز في جهة السطوح البحرية .
: يالله يا ولا ننزل ( محاولا تلاشي النظر في وجه الصغير )
: طب كنا طالعين ليه !؟!؟!؟ عشان تخرب السجف وخلاص !؟!؟!؟
: اني خربت حاجة يابن ....... ؟!؟!؟!
: مش انت خرمت السجف ياعمي !؟!؟!؟
: ياض ماهو مخروم من زمان !!! انت مش شايف !؟!؟!؟
: ماهم ردموه وانت خرمته تاني يا عمي !!!
: طب تعالي بس يا للمض
يأتي الي متزمرا وينفخ متأففا وننزل ثانية الي وسط الدار واعود الي باب القاعة واقف مزهولا يأتي الي الصغير ويقف بجانبي مزهولا ايضا لاندري كم لبثنا ننظر لداخل القاعة نتأمل انكسار اشعة الشمس علي جدران القاعة تأتي في خطوط مستقيمة مائلة من الرازونة في سقف القاعة . انتبه علي صوت الصغير
: الللللللللللللللللله شكل الجاعة حلوا جوي يا عمي !!!!!!!!
اقف مزهوا بنفسي مرة اخري وكأني فاتح عكا
: بس ابويا هايزعل علشان السجف وسيدي كمان هايزعل .
: ماتخافش جول لهم عمي اللي كشفه .
القي نظرة اخري علي القاعة لأري بعض ادوات الزراعة في ارضية القاعة من فئوس مختلفة الاحجام وغلقان ( جمع غلق < مقطف يعني > للي مايعرفش ) وبعض الاشولة . ينبهني الصغير مرة اخري
: تعالي ياعمي بجا نجعد عند المربط .
: تاني مربط البهايم يابن...... !!!
: والله يا عمي هايعجبك جوي .
اجده متجها للباب الكبير فأناديه
: خد ياض تعالي من هنا !!! يعود متزمرا
: يووووووووه هو انت كل حاجة عايز تعملها بالغلط ياعمي !؟!؟!؟
: غلط ايه ياولا!!! تعالي من الباب البحري .
: هو انت عايز تعدي من وسط الكراكيب وخلاص !؟ انا خايف عليك تتعور ولا تبهدل هدومك !!!
اتجه لآخر الدار فرن الخبيز القديم قد تهدم علي يساري وبجانبه غرفة العجين ثم يليها بيت الادب ( حمام الدار ) يواجهه علي يميني زريبة البهايم اقف مزهولا حين تقع عيناي عليها من ما اري يا الهي كل ادوات ومعدات الزراعة التي تخص عائلتنا ولم يعد احد يستخدمها الآن مكومة في ماكان يعرف بالزريبة علي الاقل بالنسبة لي .
يا الله كم لعبت علي كل معدة من هذه المعدات وانا طفل صغير اعرفها كلها ولي مع كل واحدة منها ذكري مختلفة كم حملني اعمامي وجعلوني اركب عليها وقت تجهيز الارض للزراعة او خدمة الارض او حتي ضم المحصول ياربي ماهذا الشعور الغريب الذي ينتابني هنا
افيق علي صوت الصغير مرة اخري .
: يالله ياعمي بجا انت مش شامم الريحة !؟!؟!؟
: ريحة ايه ياولا؟!؟!؟!
: بص ياخويا ( ويشير الي كوم السباخ المخزون في ركن من اركان الزريبة ) ولاول مرة انتبه لرائحة السباخ فاتقدم جهة الباب البحري للدار واقوم بفتحه والخروج امام الدار من الجهة البحرية لتقع عيناي علي احلي واروع المناظر في حياتي والذي اعتقد انني لن اجد له مثيل في اي مكان في الدنيا علما بأني لم اخرج من مصر طوال حياتي ولكني اكاد اجزم بذلك . اتقدم لاقف علي مشارف حوض الوسطاني الزراعي اكبر مساحة خضراء رئيتها في حياتي ينبهني الصغير محمود مرة اخري .
: تعالي بجا ياعمي شوف المربط اللي مش عاجبك
: بس يابن .......مربط في عينك جليل الادب
: بس تعالي بس
انظر بعيني لاري مكان المربط القديم وقد تغير حاله يا الهي المكان نظيف فعلا لكن له نفس الشكل القديم بالمظلة الخاصة به ولكن نظيف ومفروش بحصيرة بلاستيكية وبه مساند منجدة قطن ويجلس فيه حسن اخو محمود الكبير ومعه ابناء عمه ايمن يقفون حين اتجه نحوهم مبتسمين ويبادر حسن بتعنيف اخيه محمود .
: كدة برضه ياخايب تبهدل عمك وتجيبه من وسط الدار !؟!؟!؟ ماجبتوش من بره ليه ياض ؟؟؟ يرد حسن مستنكرا
: ابدا والله ياعم ده هو اللي بهدلني ومارضيش يسمع كلامي اضحك مؤكدا كلام محمود
: حصل يا حسن انا اللي جيت من هنا الدار دي انا حافضها ياولا انت وهو اني كنت جدكم في السن كدة لما بنوها عمامي وابويا وسيدي احمد وسيدي محمد وسيدي عبدالله يرد عليا الاولاد الخمسة في صوت واحد تقريبا
: ماشفناش سيدي احمد !!! شفنا سيدي محمد وسيدي عبدالله بس
: سيدي احمد ابو سيدك منصور وسيدك حامد وستك وردة انت وهو وهو
: عارفينهم بس ماشفناش سيدي احمد
: اجعد ياعمي لما نعملوا شاي لحد مابويا يجي
ويقوم حسن يدخل المندرة البحرية للدار ليخرج بعد قليل حاملا كرتونة ويضعها بجانبنا ويخرج منها سلك كهربائي ويقوم بفرده ناحية الدار والمح في الكارتونة سخان كهربي صغير فأنادي عليه .
: تعالي يا حسن ماتعملش حاجة سيبني انا هاعمل شاي بمزاجي
وللشاي قصة اخري
: اه ياعم انا عبيط ! فيه حاجة ؟؟؟ مش عاجبك ؟؟؟؟؟
: انت عارف انت بتقول ايه !؟!؟!؟ كانت ايام سودة الله لا يعيدها علينا ! ده انت صحيح غاوي هم !
: ايوة يابني انا عارف انا باقول ايه ! والله ياعم كانت احلي ايام حياتي ! تحب تبدل ؟؟؟
( نظرة ذات بريق لامع لا اجد لها معني إلا المكر في عينيه )
: علي العموم دار الخزين في الوسطاني لسه ماتهدتش خدها ياخويا وروح اقعد فيها لما نشوف هاتهبب ايه !؟
( الوسطاني هو احد الاحواض الزراعية في الجهة البحرية من بلدتنا الصغيرة )
هذا الحوار القصير دار بيني وبين خليفة ابن عمي الذي يقاربني في السن وهو ايضا رفيق ايام الصبا الذي لم يكن يفرقنا الا النوم ايام طفولتنا اثناء زيارتي للبلد بعد زواجي بستة اشهر وبعد انقطاع عن البلد دام لاكثر من عشر سنوات شغلتني الدنيا بالعراك الدائم بيني وبينها وبالجري فيها محاولا ملاحقتها لكن هيهات ثم هيهات ثم هيهات ( حلوة هيهات دي بصراحة - مش قادر الحقها ابدا )
بعد الانتهاء من زيارتي لكل من اريد ان اراه في بدلتي المحبوبة التي تتبع احد مراكز طنطا في محافظة الغربية وتبعد عن مدينة طنطا بحوالي 30 كيلومتر والتي لم تنال منها المدنية الحديثة بكل بشاعتها الا من مايقارب 5 سنوات قبل انقطاعي عن زيارتها .
اجد قدماي تحملاني الي دار الخزين في حوض الوسطاني مع بداية ساعات العصاري .
اقف متأملا ماتبقي من واجهة الدار اري بيت قديم من بيوت الفلاحين متوسطي الحال بني بالطوب اللبن ( طمي من الارض الزراعية مخلوط بعيدان من قش الارز لم يحرق بالنار ) اري الشباكان ذوي القضبان الحديدية من الخارج وباب الدار الخشبي الكبير من خشب البلوط ومازال يتعلق به المقبض النحاسي الكبير علي شكل قبضة يد مضمومة فاتقدم وادفع الباب الخشبي الكبير الذي يصدر صريرا زو صوت عالي لينفتح علي مدخل الدار ادخل من الباب وانزل علي ما يشبه درجتين من الحجارة ( فقد ارتفع الطريق في الخارج عن واجهة الدار بما يقارب المتر ) اجد علي يميني باب المندرة القبلية للدار والتي لها الشباكان علي الواجهة انظر من خلال الباب لآجد اشولة مكدسة تملاء المكان ولا اكاد اري شيئا في الداخل فاتقدم الي وسط الدار حتي اصل الي باب القاعة ايضا علي يميني افتح بابها فإذا هي مظلمة تماما اقف قليلا واجد نفسي تلقائيا انظر لآعلي سقف القاعة المظلمة ولا اري اي شيء ارجع للخلف عدة خطوات لآستند بظهري تلقائيا علي عامود وسط الدار ولا ادري كيف وصلت اليه دون ان اقع او اتعثر في شيء وعامود وسط الدار عبارة عن جزع شجرة سنط طويل وسميك ترتكز عليه جميع اخشاب سقف الدار طولا وعرضا . اقف قليلا لآجد محمود الصغير احد ابناء خليفة ابن عمي يدخل من باب الدار الكبير
: بتعمل ايه هنا ياعمي غاوي ! تعالي نجعد ورا الدار عند المربط ! هناك الحصيرة والشاي والسكر والمكان كمان انضف
: عايز تجعدني في مربط البهايم يابن ......... ؟!؟!؟!
( وإذا بالولد ينفجر بالضحك مقهقها ويقول )
: بهايم ايه بس ياعمي انا ماشفتش بهايم في المربط من ساعة ماتولدت !!!
( انظر إليه مستنكرا ولكن لا اعلق فأنا اعرف الدار جيدا واعرف كل مكان فيها وحضرت بنائها من اول طوبة للبنية تم صبها بالقالب واعرف الغرض من كل جزء فيها . اتجاهل حديثه وانادي عليه )
: واد يا محمود
: نعم يا عمي ؟
: شايف سجف الجاعة ده ؟؟؟
: أيوة !
: تعرف تطلع السطوح عنده ؟؟؟
: لا ياعمي واني مالي !!! السجف يوجع بيا !!!
: ماتخافش يابن ...... !
: لا ياعمي واني مالي ماليش دعوة .
( ينظر الي مرتابا متسائلا ثم ينطق موجها كلامه لي )
: عايزني اطلع فوج ليه ؟!؟!؟!
: عايزك تطلع تكشف الرازونة !
( ينظر الولد الي مندهشا وكأني كائن فضائي غريب هبط من كوكب اخر وبعد حين ينطق ثانية )
: يعني ايه رازونة !!!؟؟؟
: رازونة السجف ياولا بتستعبط عليا ؟؟؟
: معرفهاش يا عمي والله وانا مالي بجا ماليش دعوة !!!
( نفس النظرة المندهشة علي وجه الصغير ذو التسع سنوات )
: طب تعالي هانطلع سوا انا وانت !
: لا ياعمي انا ماليش دعوة ابويا يضربني !!!
: تعالي يا ولا ماتخافش
امسك الصغير في يدي واتجاوز وسط الدار خلف القاعة لآجد سلم الدار انظر للصغير في يدي مازال مندهشا ازيل بيدي الاخري بعض الألواح الخشبية التي تسد السلم اتقدم ويتبعني الصغير في يدي الاخري واجده قد تشجع واقدم علي الصعود بروح تتشوق للمغامرة بعد خمس درجات اجد نفسي علي السلم كما لو اني في العاشرة من عمري اسرع وخلفي الصغير بعد ان تركت يده اصل لسطح الدار متوجها الي سقف القاعة واسمع صوت الاخشاب في كل خطوة اخطوها تحت قدماي وخلفي الصبي يتبعني بحذر حتي اصل لوسط سقف القاعة اجدني انزل علي ركبتاي وابداء في إزالة التراب واكوام القش حتي اصل بيدي لبداية الحفرة القديمة قطرها 30 سم تقريبا واسفلها عيدان من جريد النخل تمنع سقوط القش واعواد الحطب علي ارض القاعة .
ينظر الي الصبي وهو يزداد دهشة !
اقف مزهوا بنفسي امام الصغير وكأني فاتح عكا
: هي دي الرازونة ياولا .
: بتاعة ايه دي ياعمي !؟!؟!؟
: بتنور الجاعة يا جحش .
( اجد نظرة ساخرة علي وجه الصغير لم تدم طويلا )
: يا عمي ايه الهم ده كله !!! ماكنت تجيد النور وخلاص !!! جال ايه جاعد في مصر !!!!! ( ينفجر الولد ضاحكا )
اقف مصدوما بأول المظاهر للمدنية الحديثة البشعة ( الدار فيها كهربا ) oppsss انظر حولي محاولا الخروج من مظهر الاحمق امام الصغير اجد سطح الدار علي حاله تقريبا منذ اكثر من خمسة عشر عاما الاركان مزينة بأقبية الخزين ( الماطر ) وبين كل ماطر والاخر عامود مستدير من اقراص الوقود الطبيعي ( اقراص الجلة ) واكوام من من حطب القطن وقش الارز في جهة السطوح البحرية .
: يالله يا ولا ننزل ( محاولا تلاشي النظر في وجه الصغير )
: طب كنا طالعين ليه !؟!؟!؟ عشان تخرب السجف وخلاص !؟!؟!؟
: اني خربت حاجة يابن ....... ؟!؟!؟!
: مش انت خرمت السجف ياعمي !؟!؟!؟
: ياض ماهو مخروم من زمان !!! انت مش شايف !؟!؟!؟
: ماهم ردموه وانت خرمته تاني يا عمي !!!
: طب تعالي بس يا للمض
يأتي الي متزمرا وينفخ متأففا وننزل ثانية الي وسط الدار واعود الي باب القاعة واقف مزهولا يأتي الي الصغير ويقف بجانبي مزهولا ايضا لاندري كم لبثنا ننظر لداخل القاعة نتأمل انكسار اشعة الشمس علي جدران القاعة تأتي في خطوط مستقيمة مائلة من الرازونة في سقف القاعة . انتبه علي صوت الصغير
: الللللللللللللللللله شكل الجاعة حلوا جوي يا عمي !!!!!!!!
اقف مزهوا بنفسي مرة اخري وكأني فاتح عكا
: بس ابويا هايزعل علشان السجف وسيدي كمان هايزعل .
: ماتخافش جول لهم عمي اللي كشفه .
القي نظرة اخري علي القاعة لأري بعض ادوات الزراعة في ارضية القاعة من فئوس مختلفة الاحجام وغلقان ( جمع غلق < مقطف يعني > للي مايعرفش ) وبعض الاشولة . ينبهني الصغير مرة اخري
: تعالي ياعمي بجا نجعد عند المربط .
: تاني مربط البهايم يابن...... !!!
: والله يا عمي هايعجبك جوي .
اجده متجها للباب الكبير فأناديه
: خد ياض تعالي من هنا !!! يعود متزمرا
: يووووووووه هو انت كل حاجة عايز تعملها بالغلط ياعمي !؟!؟!؟
: غلط ايه ياولا!!! تعالي من الباب البحري .
: هو انت عايز تعدي من وسط الكراكيب وخلاص !؟ انا خايف عليك تتعور ولا تبهدل هدومك !!!
اتجه لآخر الدار فرن الخبيز القديم قد تهدم علي يساري وبجانبه غرفة العجين ثم يليها بيت الادب ( حمام الدار ) يواجهه علي يميني زريبة البهايم اقف مزهولا حين تقع عيناي عليها من ما اري يا الهي كل ادوات ومعدات الزراعة التي تخص عائلتنا ولم يعد احد يستخدمها الآن مكومة في ماكان يعرف بالزريبة علي الاقل بالنسبة لي .
يا الله كم لعبت علي كل معدة من هذه المعدات وانا طفل صغير اعرفها كلها ولي مع كل واحدة منها ذكري مختلفة كم حملني اعمامي وجعلوني اركب عليها وقت تجهيز الارض للزراعة او خدمة الارض او حتي ضم المحصول ياربي ماهذا الشعور الغريب الذي ينتابني هنا
افيق علي صوت الصغير مرة اخري .
: يالله ياعمي بجا انت مش شامم الريحة !؟!؟!؟
: ريحة ايه ياولا؟!؟!؟!
: بص ياخويا ( ويشير الي كوم السباخ المخزون في ركن من اركان الزريبة ) ولاول مرة انتبه لرائحة السباخ فاتقدم جهة الباب البحري للدار واقوم بفتحه والخروج امام الدار من الجهة البحرية لتقع عيناي علي احلي واروع المناظر في حياتي والذي اعتقد انني لن اجد له مثيل في اي مكان في الدنيا علما بأني لم اخرج من مصر طوال حياتي ولكني اكاد اجزم بذلك . اتقدم لاقف علي مشارف حوض الوسطاني الزراعي اكبر مساحة خضراء رئيتها في حياتي ينبهني الصغير محمود مرة اخري .
: تعالي بجا ياعمي شوف المربط اللي مش عاجبك
: بس يابن .......مربط في عينك جليل الادب
: بس تعالي بس
انظر بعيني لاري مكان المربط القديم وقد تغير حاله يا الهي المكان نظيف فعلا لكن له نفس الشكل القديم بالمظلة الخاصة به ولكن نظيف ومفروش بحصيرة بلاستيكية وبه مساند منجدة قطن ويجلس فيه حسن اخو محمود الكبير ومعه ابناء عمه ايمن يقفون حين اتجه نحوهم مبتسمين ويبادر حسن بتعنيف اخيه محمود .
: كدة برضه ياخايب تبهدل عمك وتجيبه من وسط الدار !؟!؟!؟ ماجبتوش من بره ليه ياض ؟؟؟ يرد حسن مستنكرا
: ابدا والله ياعم ده هو اللي بهدلني ومارضيش يسمع كلامي اضحك مؤكدا كلام محمود
: حصل يا حسن انا اللي جيت من هنا الدار دي انا حافضها ياولا انت وهو اني كنت جدكم في السن كدة لما بنوها عمامي وابويا وسيدي احمد وسيدي محمد وسيدي عبدالله يرد عليا الاولاد الخمسة في صوت واحد تقريبا
: ماشفناش سيدي احمد !!! شفنا سيدي محمد وسيدي عبدالله بس
: سيدي احمد ابو سيدك منصور وسيدك حامد وستك وردة انت وهو وهو
: عارفينهم بس ماشفناش سيدي احمد
: اجعد ياعمي لما نعملوا شاي لحد مابويا يجي
ويقوم حسن يدخل المندرة البحرية للدار ليخرج بعد قليل حاملا كرتونة ويضعها بجانبنا ويخرج منها سلك كهربائي ويقوم بفرده ناحية الدار والمح في الكارتونة سخان كهربي صغير فأنادي عليه .
: تعالي يا حسن ماتعملش حاجة سيبني انا هاعمل شاي بمزاجي
وللشاي قصة اخري


اشعر ان الديناصور الذى بداخل كاتب القصه يوشك ان ينقض على موضوعات المدونه فتظهر موضوعاتها بقيمه النمله امام العملاق اسعدتنى قصتك غاوى واتشوق لمعرفه المزيد منهافليتنى لاانتظر كثيرا كما انتظرت بدايتك بالمدونه فاهلا بك
ردحذفاختنا الكريمة نايل سات اشكرك علي مجاملتك الرقيقة واخشي ما اخشاه ان اطيل عليكم في التقدمة التي احاول ان امهد بها لانقلكم معي لعالمي الجميل الذي عشته من قبل ولكن لا يطاوعني احد علي الذهاب هناك مرة اخري واحيانا لاتطاوعني نفسي ايضا علي الذهاب هناك لذا احاول ان اريكم جزء من هذا العالم الجميل لكن التمس منكم الصبر علي اخيكم البسيط غاوي نكد
ردحذف