
احوال العائلة
اشعل سيجارتي وفي يدي الاخري كوب الشاي واسند ظهري لباب المندرة البحرية متوجها بنظري للداخل ولكني لا اري شيئا
اتذكر زياراتي التي قمت بها اليوم بدئا بدار عمي واضعا شنطتي هناك واجلست زوجتي مع عمتي ( زوجة عمي مبروكة ) بناء علي تعليمات مسبقة من الكبير ( أبي ) اكبرهم سنا وصاحب الشوري والامر الناهي في كل شيء يخص العائلة حيث دائما مايعطي تعليماته قبل سفري للبلد واهم التعليمات ان لا ادخل اي دار قبل ان ادخل دار عمي ( دارنا ايضا ) واسلم علي عنتي مبروكة واضع شنطتي هناك .
: اياك تخطي دار في البلد جبل ماتدخل لمبروكة وتسيب حاجتك عندها تلف لفتك وترجع علي دارك!
( دار جدي لابي وله ولدين وبنت - ابي وعمي وعمتي ) تعيش عمتي مبروكة في الدار وحدها بعد ان توفي عمي من عشر سنوات تقريبا ولها ثلاث بنات اصغرهم تكبرني بـ 6 سنوات وقد فضلت ان ان تبقي الدار مفتوحة وتعيش فيها علي ان تعود لبيت ابيها . ومن اهم التعليمات في هذه الزيارة ان لا ازور احد ومعي زوجتي .
: إياك تدور في البلد علي البيوت ومعاك مراتك في ايدك !!! مراتك تجعود مع مبروكة وانت تلف لفتك ! واللي يجول لك ماجبتهاش معاك ليه ؟ تجول له جاعدة في الدار !!! وتخلص لفتك والسهرة تبجي معاها هي وعمتك .
وبالفعل يتم التنفيذ كما قال الكبير ولكني مندهش من هذا التشديد علي ان لا اصحبها معي في زيارتي لبيوت اعمامي !!! وابداء في خروجي من الدار متوجها لدار سيدي عبدالله وفيها اكبر اعمامي بعد ابي ( عمي السيد ) وابو خليفة رفيق طفولتي اصل امام الدار واقف متأملا لما اراه ! ما هذا ؟ بيتا يشبه كثيرا اي بيت في شارعنا في القاهرة اربعة ادوار ترتفع امامي علي الواجهة يخرج احمد اصغر ابناء عمي السيد من باب البيت فأنادي عليه ؟
: ازيك ياواد يا احمد !!!
: غاوي !!! اهلااااا ازيك انت يا غاوي !!! هنا من امتي !؟!؟!؟
الاقي احمد بالاحضان وانهي سلامي بالاجابة عليه
: لسه واصل من ساعة ! يادوب سلمت علي عمتي ! ابويا السيد هنا ؟
: ايوة جاعد جوة اهو !
: طب عدي جدامي ! كنت رايح قين ؟!؟!؟!
: ابدا كنت هانادي ايمن يجضي طلب لابوك السيد ! تعالي اتفضل !
يدخل امامي صاعدا لدرجات مدخل البيت فاتحا باب لحجرة في الدور الارضي يدخلني فيها ويدخل من الباب الاخر لداخل البيت مناديا
: ابااااا ! ياباااا !!! غاوي ابن ابويا حمدي هنا !!!
اسمع صوت عمي يرد علي احمد
: طب ناديت ايمن يا ولا ؟!؟!؟!
: هو انا لحجت !؟!؟!؟
: طب روح انده له وانا داخل اهو !
اجد عمي داخلا للحجرة من الباب الداخلي لها اقف من مكاني ذاهبا له
: ازيك يابا السيد !؟ عامل ايه !؟ يارب تكون بخير !
يأخذني بين زراعيه بالاحضان ويرد
: اهلا ياواد يا غاوي ! ازيك انت وازي ابوك !؟ انا الحمد لله بخير ! ده احنا حصلت لنا البركة ! اجعود ياولا اجعود ! ازيك كدة !؟ وازي ابوك !؟
: الحمد لله بخير يابا ! وابويا بيسلم عليك !
: ازي مراتك ياولا ! وماجبتهاش معاك ليه !؟ مش عايزها تعرفنا ولا ايه ياولا !؟!؟!؟
: لاء ازاي !!! وده برضه كلام يابا السيد !؟ جاعدة في الدار مع عمتي مبروكة !
ينظر الي مبتسما وفي عينيه بريق لامع ثم يكرر السؤال
: ابوك عامل ايه ياولا !؟
: بخير الحمد لله !
: ده حصلت البركة !
: الله يكرمك يابا !
للحظات صمت يعتدل في جلسته واتأمل انا الحجرة ( ثلاث كنبات بلدي وحصيرة علي الارض علي الحائط اري صورة جدي عبدالله عم والدي وهو مستند علي عصاه زو اليد المعقوفة واري صورة عمي السيد بملابس الاحرام علي الحائط فوق رأس غمي وهو معتدل في جلسته وانا جالس في الجهة المقابلة له انظر للحجرة وما فيها فيبتسم قائلا
: اول مرة تيجي عندنا من بعد ماهدينا الدار !؟ ايه رائيك ؟!؟!؟!
: مش عارف يا عمي !!! الاول كان احسن !!!
يميل للامام مستنكرا
: نعمل ايه لاعمامك !!! عايزين ينعزلوا !!!
: خسروا كتير والله يا عمي !
: عارف يابن اخويا بس نعمل ايه !؟ حكم القوي !!!
يدخل خليفة من الباب الداخلي للحجرة
: اهلاااا ! ازيك ياواد ياغاوي ! عامل ايه يا ولا !؟ وايه اخبارك !؟ اقابله بالاحضان
: الحمد لله بخير ! زي البمب ! ادي انت شايف اهو !!!
نضحك سويا ثم يدخل ايمن يتبعه احمد من الباب الخارجي
: السلام عليكم ! ده النهاردة عيد واحنا مش عارفين !!! ازيك يا غاوي !؟ عامل ايه !؟
اقابل ايمن بالاحضان واسلم عليه
: الحمد لله بخير ! ازيك يا ايمن !؟ يارب تكون تمام ! العيال فين ؟! مش شايفهم ؟!
يرد عمي
: تلاجيهم جاعدين جوة من الحر ! عاملين زي الجرود ! من الصبح طالعين نازلين وعاملين لنا هوسة !!! واد يا ايمن !؟
: نعم يابا ؟!
: روح لابوك رجب خليه يتصل بسلامة الحداد يسأله خلص المجطورة ولا لسه !؟
: حاضر يابا !
ينصرف ايمن وانظر لعمي مندهشا واسأله
: مجطورة ايه يابا ؟! هو انتوا اشتريتوا جرار ؟!؟!؟!
ينفجر الجميع ضحكا وينظرون لي ويقول عمي
: دي مجطورة السباخ يا جحش ! ازداد دهشة واسأله
: هو السباخ له مجطورة ؟! يرد خليفة
: ده انت عبيط جوي ياواد يا غاوي ؟! انت بجيت مصراوي خالص !!!
اتظاهر بالغضب وارد عليه
: انتو اللي بجيتوا مش فلاحين ! فين الدار اللي كانت هنا !!! فين فرن الخبيز اللي كان دايما مولع وريحته تشدنا من اول البلد !؟!؟!؟ فين الزريبة اللي كانت دايما مليانة بهايم نشد منها اي حمار نركبه ونسرح به الغيط ؟!؟!؟! ده انا حسيت اني واجف في شارعنا في مصر وانا باتفرج علي البيت من برة !!!
: وانت تكره لنا النضافة ؟!؟!؟!
: نضافة ايه يابني اللي بتتكلم عنها ؟!؟!؟! هو احنا الاول كنا موسخين !؟!؟!؟
: ياعم النضافة حلوة برضه !!! والعيشة اتغيرت كتير !
اري عمي ناظرا لصورة جدي عبدالله علي الحائط وقد تغيرت ملامحه ولا ادري ان كان يسمعنا ونحن جالسين امامه ام لا يسمع ويشدني خليفة من يدي
: تعالي نسلم علي ابوك رجب تعالي !!!
: ماشي ! طب يابا السيد اروح اسلم علي ابويا رجب واشوف باقي اعمامي !؟
: ماشي يابني ! هاستناك نتغدو سوا !
: هو انت لسه ماتغديتش يابا ؟!؟!؟! الظهر ادن من ساعة !!!
يشدني خليفة من يدي ونخرج من الحجرة الي المدخل الي الشارع وندخل ممر صغير جانب البيت في نهايته باب صغير نجد انفسنا داخل عنبر طويل تقف فيه المواشي ارضيته مبلطة باحد انواع البلاط الصغير الحجم وفي المنتصف مجري للصرف مغطي بشبك حديدوعلي الجانبين اماكن لوضع الطعام للماشية
: ايه ده يا واد ياخليفة ؟! بهايم مين دي يا ولا !؟!؟!؟
: بتوعنا احنا وابوك رجب !
: وكلهم بقر ؟!؟!؟! مافيش جاموس ليه يا ولا ؟؟؟ وليه البقر فريزي ؟؟؟ فين البقر الاصفر بتاعنا ؟؟؟
يضحك بشدة ويقول
: ده انت طلعت مصراوي صحيح والله !!! تعالي !
يفتح باب جانبي في بعد مدخل العنبر لأجد اننا دخلنا علي طرقة بيت اخر نصعد درجتين للطرقة مطبخ علي اليمين يقابله حمام علي يسار الطرقة وحوض صغير للوش بجانب باب الحمام نهاية الطرقة صالة كبيرة بها حصيرة كبيرة وترابيزة عليها تلفيزيون كبير يعمل بصوت مرتفع تجلس امامه جدتي وردة وبجانبها عمتي شربات ابنة جدي احمد وزوجة عمي رجب وتقف ابنة عمي زينب بجانب باب احد الحجرات التي تطل علي الصالة نلقي السلام ونحن داخلين
: السلام عليكم !
: وعليكم السلام !!! مين معاك يا خليفة ؟!
: ده غاوي ابن ابويا حمدي !
: يا نهار ابيض !!! اهلا وسهلا اتفضلوا !!!
ترفع عمتي شربات طرحتها من فوق كتفيها لتضعها علي رائسها واتوجه انا الي جدتي وردة وانزل علي ركبتي مسلما عليها
: ازيك يا ستي !
تشدني من يدي لتأخذني في احضانها مقبلة وجنتي مرتان لكل جهة وتقول
: ازيك يا واد يا غاوي !! وازي ابوك !؟ ومراتك ازيها يا واد !؟ العيال جالو لي انها حلوة جوي يا ولا ! ماجبتهاش معاك ليه ؟!؟!؟!
انظر اليها مبتسما ولا استطيع الرد بعد ان حررت نفسي من احضانها وانا اشعر باني عاجز عن الكلام واتوجه لعمتي شربات مصافحا لها تشد علي يدي بكلتا يديها مكررة نفس كلام جدتي وردة وانا مبتسما كالابله ولا استطيع الرد اقف علي قدمي متوجها لزينب ابنة عمي رجب اسلم عليها واذ بها تكرر كلام امها وجدتها واسمع صوت جدتي من خلفي متصنعة الغضب
: شوفوا الواد مابيردش عليا ازاي !!! وارد بسرعة
: ابدا والله يا ستي هو انا ملاحق !؟!؟!؟ كله اسئلة ورا بعضها ! ومش عارف اقول ايه ؟!
يضحك خليفة بشدة من خلفي فألكذه بكوعي محاولا الهروب من الخجل فيرد اللكذة بدفعي للامام وارد موجها كلامي لجدتي وردة
: الحمد لله يا ستي ! وابويا بخير وبيسلم عليكي !
: ماجبتش مراتك معاك ليه ياولا !؟!؟!؟
: في الدار يا ستي مع عمتي مبروكة ! الدنيا حر عليها !!!
ترد عمتي شربات
: هي هنا ؟!؟!؟! اخص عليك !!! مش كنت تجيبها وياك يا غاوي ؟!
ينقذني خليفة بالسؤال عن مكان عمي رجب وترد زينب
: جاعد برة في البراندة ( في مدخل البيت بعد صعود عدة درجات نترك مساحة صغيرة تطل علي الشارع نجلس فيها ونسميها البراندة )
نجد عمي رجب جالسا علي الكنبة يقف امامه ايمن واحمد اولاد عمي السيد ولم يبلغوه بما قال عمي السيد بعد ويجلس علي الارض حسام وسامي اولاد عمي رجب يتناولون غدائهم نلقي التحية ونحن داخلون
: السلام عليكم !
: وعليكم السلام ! اهلااااااااااا غاوي !
يقوم حسام وسامي من جلستهم واتوجه لعمي رجب يشدني لحضنه
: ازيك يا واد يا غاوي ! وازي ابوك !؟ عامل ايه !؟ وجاي من عند ابوك السيد كمان ؟1 مع انا بيتنا في الاول !؟
: اول ايه واخر ايه بس ؟!؟!؟! هو انا عارف لكم اول من اخر ؟؟؟
: اول مرة تيجي عندنا من بعد ماتهدت الدار ! ايه رائيك ؟!؟!؟!
: مش عارف يا عمي ! الاول احسن !!!
اهرب منه واسلم علي حسام وسامي الذين لا يزالوا واقفين حاضنا ومقبلا لهم واسمع صوت عمي من خلفي
: الاول احسن ؟!؟!؟! ده انت وش هم !!! هي النضافة وحشة يا ولا ؟! يرد خليفة
: جول له يابا رجب والنبي !!! ارد عليهم متوجها لعمي
: هو احنا الاول كنا موسخين ؟! يرد حسام ابن عمي رجب
: لا طبعا بس احنا دلوقت انضف انظر اليه واقول
: مش عارف ! لكن علي العموم مبروك ولو انها متأخرة !
يضحك الجميع ويتقدم ايمن الي عمي رجب مخبرا اياه بما قال عمي السيد فيرد عمي رجب
: جول لابوك اني رايح لسلامة الحداد بعد صلاة العصر ان شاء الله ومش راجع غير لما يخلص للحام المجطورة !
: حاضر يابا رجب !
ينصرف ايمن ومعه اخوه احمد واجلس انا بجانب عمي اما خليفة فيجلس مع حسام وسامي علي الارض ساحبا رغيف عيش ويأخذ قطعة جبنة قريش ويأكل معهم ثم يقوم واقفا ويقول
: حلوة الجبنة دي ياض يا حسام ! منين جبتوها ؟! يرد حسام
: عمتك شربات اشترتها امبارح من دار عطالله !
: بكام الكيلوا يا ولا ؟!؟!؟!
: تمانيه جنيه ولاد الحرامية !!!
اقف مندهشا واسألهم
: وهي ماعملتش جبنة ليه ؟؟؟ يرد حسام
: مافيش للبن !!!
: البهايم دي كلها ومافيش للبن !!!!!
: اللبن عندنا بيتورد كله !
: والبيت مالوش منه ؟!
: لما بنعوز شوية بناخد !
ينظر خليفة الي ويقول مبتسما
: والله ماحد فاهمك ياوش الهم غيري ! ارد عليه
: ياعم اسكت انت ! وجال بتجول عليا مصراوي ؟!؟!؟! جاتك الهم ! ده انت اللي طلعت مصراوي !!!
: يابني انت راجع لنا من ايام مايعلم بيها الا ربنا !!!
: والايام دي حلوة يعني ؟!؟!؟!
: زي الفل ياخويا ! واحنا جدامك اهو مية مية !!!
اجلس مرة اخري بجانب عمي رجب وقد تغيرت ملامحي تدور في رائسي عدة اسئلة ابدائها بسؤالي لعمي رجب
: ايه حكاية مجطورة السباخ دي يابا رجب ؟!؟!؟! هو انتوا اشتريتوا جرار زراعي ؟؟؟
: جرار ايه بس ياولا ! دي عربية كارو صغيرة بيجرها الحمار ! علشان ماينفعش يحولوا السباخ زي زمان !
: هو مش كوم وانتو بتاخدوا منه اللي تحتاجوه ؟!؟!؟!
: لا الكوم ده كان زمان ! دلوقت بننضف الزريبة بخرطوم الميه ! وينزل السباخ علي خزان تحت العنبر ! وكل سنة بننزح الخزان مرتين حسب خدمة الارض !
: مش المية دي بتبوظ السباخ يابا رجب ؟!؟!؟!
: شوية ! بس كدة انضف واسهل وبعدين احنا بنخزن منه عند الغيط وبينشف من تاني !!!
ادير وجهي الي الشارع واجدني اتذكر ايام طفولتي حين كان احد اعمامي يحمل السباخ في غبيط علي ظهر الحمار ( الغبيط عبارة عن شوال مستطيل الشكل يستخدم كعبوة لنقل الاحمال ) واسوقه انا الي الغيط ماشيا خلف الحمار اوجهة واقيم وزن الغبيط علي جانبي الحمار طوال الطريق وحين اصل الي الغيط اختار المكان الذي افرغ الحمولة فيه ثم اركب الحمار عائدا للدار علي مدي ثلاثة ايام نستمر خليفة وانا في تحويل السباخ للارض ويشترك اعمامي كلهم في تحميله لنا او في نشره في الارض بعد ان نوصله لهم . كم كانت ايام جميلة نتسابق فيها انا وخليفة علي عدد مرات النقل او سرعة الوصول دون ان ننهك الحمير او نقسوا عليها يشدني عمي رجب ويقول
: مالك يا واد يا غاوي ؟!؟!؟! سرحان في ايه ؟!
: ابدا ! افتكرت زمان لما كنا بنحول السباخ انا وخليفة !
يرد خليفة بسرعة ضاحكا
: والله يابا رجب اني كنت عارف هايجول ايه ! ده وش هم وانا اللي عارفه ! ايامه كانت كلها بهدلة !
ارد عليه متظاهرا بالضيق
: انت ماسك لي من الصبح في النضافة والبهدلة ؟!؟!؟! ومش باصص لاي حاجة تانية !؟
: حاجة ايه يابني انت ؟!؟!؟!
: بص للعيلة اللي كانت متجمعه مع بعضها !!! بص لهم بيساعدو بعض ايد بأيد وكتف بكتف ! بص لنا لما كنا بنجري وسط اهلنا اللي يسدوا عين الشمس ولا حد يهمنا ! وان غلطنا ماحدش يقدر يبص لنا بعينه غير لما يردو علي كبيرنا ! وان حبينا نجضي طلب ماحدش يأجله !!! بص لو حد فينا تعب ولا رجد في الدار يلاجي الدار بالكامل كلها جنبه ! حاجات كتير زي كدة لو فضلنا نعدها مش هانخلص ! تقدر تجول لي امتي نجدر نشوف العيلة كلها متجمعه ؟!؟!؟!
: في اي عزاء في البلد تلاجيهم متجمعين كلهم ! يرد وهو مبتسم
: بالزمة مش مكسوف ؟!؟!؟!
تدخل زينب تحمل صينية الشاي في يدها ينظر اليها عمي نظره اعرفها جيدا ويهدر موجها كلامه لها
: مش تجيبي الغدا الاول يابنت الـ........ ترد زينب بسرعة
: ده ليكم انتو يابا !! لكن امي بتوضب الغدا جوا علي الصينية الكبيرة !
ارد عليها مسرعا
: لاء ! جولي لها ماتعملش حاجة !! اني هاشرب الشاي مع ابويا رجب وامشي ! يرد عمي
: تمشي فين يا ولا !؟!؟!؟
: اروح اسلم علي بقية اعمامي !!!
: اجعد واتهد لما تعدي الجيالة ( القيلولة ) ارد عليه ضاحكا
: الجيالة دي عندكم انتو ! احنا المصاروة بنمشي في اي وقت !!
: اجعد يا للمض الشمس حامية النهاردة !!!
: لا معلش ياعمي ! انا لسه هاروح لاولاد سيدي احمد ! ولازم اعدي عليهم كلهم !!!
ينظر الي متعجبا ثم يقول
: طيب ماتنساش ! لازم تعدي علي ابوك علي ضروري ! كان تعبان الاسبوع اللي فات وكاشقين عليه في المركز ! ( المركز مدينة تتبع لها عدة قري اداريا ) وماشفتوش من يومين !!
: الف سلامة عليه ! يبقي اروح له هو في الاول !
: جالك الهم ! قلبت عليا المواجع !! يضحك خليفة قائلا
: ايامه كلها كانت هم يابا رجب ! ارد عليه
: والله يا عم كانت احلا ايام !
: بجي انت عايز تجمع العيلة زي زمان ؟!؟!؟! جول للزمان ارجع يا زمان !!!
: وليه لاء !!! يابني العزوة حلوة !!! واحنا خسرنا كتير !
: يعني الدار هي اللي هاتجمعهم ؟!؟!؟!
: مش الدار يا مغفل !! نظام الدار هو اللي يجمعهم !!!
: انت عبيط ياعم ؟؟؟
: اه ياعم انا عبيط ! فيه حاجة ؟؟؟ مش عاجبك ؟؟؟؟؟
: انت عارف انت بتقول ايه !؟!؟!؟ كانت ايام سودة الله لا يعيدها علينا ! ده انت صحيح غاوي هم !
: ايوة يابني انا عارف انا باقول ايه ! والله ياعم كانت احلي ايام حياتي ! تحب تبدل ؟؟؟
( نظرة ذات بريق لامع لا اجد لها معني إلا المكر في عينيه )
: علي العموم دار الخزين في الوسطاني لسه ماتهدتش خدها ياخويا وروح اجعود فيها لما نشوف هاتهبب ايه !؟
بعد ان شربت الشاي استئذنت عمي منصرفا لأكمل باقي زياراتي وبدائت بالفعل بزيارة عمي علي في بيته . ماهذا ؟! المساحة لفرد واحد ! ونفس المساحة لفردين ! وايضا نفس المساحة لخمسة افراد ؟؟؟ . يا الهي ما هذا التفاوت في الاحوال بين اعمامي ؟!؟!؟! هل يدركون ماهم فيه الآن ؟؟؟ . الدار الكبيرة قسموها لثلاثة اقسام متساوية .
ابي وعمي محمد في قسم لجدي محمد , وعمي السيد مع عمي رجب في قسم لجدي عبدالله , واعمامي علي , وشكري , ومجدي , وصبحي , ومحمود في قسم لجدي احمد .
بقي قسم ابي وعمي علي نفس حالته القديمة تعيش فيه مبروكة . اما قسم جدي عبدالله اقتسمه عمي السيد مع عمي رجب في منزلان زرتهم لتوي . ولكن قسم جدي احمد له العجب !!! اقتسمه اعمامي الخنسة بشكل عجيب كل منهم حسب حاجته ! منهم من اعتزل الزراعة واتجه للوظيفة عمي محمود , ومنهم من توجه للتجارة في الحبوب عمي شكري مع عمي صبحي , وبقي عمي علي مع عمي مجدي يزرعون الارض . ولكن للدنيا احوال عجيبة !!! انتبه من حالة الغيبوبة التي غرقت فيها علي يدين رقيقتين غاية في الصغر تحاولان شد اذني ومسك ياقة قميصي !!! انها شيماء ابنة خليفة زات العام ونصف يحملها عمها ايمن ويحاول وضعها علي كتفي وانا جالس علي باب المندرة البحرية اغرق في عالم اخر ولم انتبه لحضوره ولا ادري كم من الوقت وقف ينظر لي انظر للبنت علي يديه اجدها تبتسم لي وكأنها تنير الدنيا من حولي بهذه الابتسامة وتحاول التشبث في اكتافي احملها من ايمن واقف علي قدمي لادرك ان النهار قد قارب علي الرحيل وان الليل اوشك ان يقبل علينا امشي تجاه خليفة المنهمك في شوي الدرة اناوله الكوب الفارغ وارفع شيماء بكلتا يدي عاليا الاعبها فتزداد ابتسامتها وتزداد سعادتي بكم البرائة الذي اراه فيها انزلها لحجر ايمن الذي جلس بجانب خليفة حول النار واستئذن عائدا للدار حتي اري زوجتي وعمتي مبروكة قبل حلول الظلام وحين اصل للدار اسمع ضجيج وضحك بأصوات عالية يخرج من دارنا !!! ما هذا من كل هؤلاء !!! يالها من مفاجئة جميلة !!!!! كل نساء عائلتي حتي جدتي وردة مجتمعين في دارنا مع مبروكة وزوجتي للترحيب بها وسط عائلتنا ! وادخل ملقيا التحية عليهم ! اعرفهم كلهم وزرت بيوتهم طوال فترة العصرية وتبداء الاعدادات لسهرة من اجمل السهرات في حياتي !!! ولكن للسهرة حكاية اخري .
اشعل سيجارتي وفي يدي الاخري كوب الشاي واسند ظهري لباب المندرة البحرية متوجها بنظري للداخل ولكني لا اري شيئا
اتذكر زياراتي التي قمت بها اليوم بدئا بدار عمي واضعا شنطتي هناك واجلست زوجتي مع عمتي ( زوجة عمي مبروكة ) بناء علي تعليمات مسبقة من الكبير ( أبي ) اكبرهم سنا وصاحب الشوري والامر الناهي في كل شيء يخص العائلة حيث دائما مايعطي تعليماته قبل سفري للبلد واهم التعليمات ان لا ادخل اي دار قبل ان ادخل دار عمي ( دارنا ايضا ) واسلم علي عنتي مبروكة واضع شنطتي هناك .
: اياك تخطي دار في البلد جبل ماتدخل لمبروكة وتسيب حاجتك عندها تلف لفتك وترجع علي دارك!
( دار جدي لابي وله ولدين وبنت - ابي وعمي وعمتي ) تعيش عمتي مبروكة في الدار وحدها بعد ان توفي عمي من عشر سنوات تقريبا ولها ثلاث بنات اصغرهم تكبرني بـ 6 سنوات وقد فضلت ان ان تبقي الدار مفتوحة وتعيش فيها علي ان تعود لبيت ابيها . ومن اهم التعليمات في هذه الزيارة ان لا ازور احد ومعي زوجتي .
: إياك تدور في البلد علي البيوت ومعاك مراتك في ايدك !!! مراتك تجعود مع مبروكة وانت تلف لفتك ! واللي يجول لك ماجبتهاش معاك ليه ؟ تجول له جاعدة في الدار !!! وتخلص لفتك والسهرة تبجي معاها هي وعمتك .
وبالفعل يتم التنفيذ كما قال الكبير ولكني مندهش من هذا التشديد علي ان لا اصحبها معي في زيارتي لبيوت اعمامي !!! وابداء في خروجي من الدار متوجها لدار سيدي عبدالله وفيها اكبر اعمامي بعد ابي ( عمي السيد ) وابو خليفة رفيق طفولتي اصل امام الدار واقف متأملا لما اراه ! ما هذا ؟ بيتا يشبه كثيرا اي بيت في شارعنا في القاهرة اربعة ادوار ترتفع امامي علي الواجهة يخرج احمد اصغر ابناء عمي السيد من باب البيت فأنادي عليه ؟
: ازيك ياواد يا احمد !!!
: غاوي !!! اهلااااا ازيك انت يا غاوي !!! هنا من امتي !؟!؟!؟
الاقي احمد بالاحضان وانهي سلامي بالاجابة عليه
: لسه واصل من ساعة ! يادوب سلمت علي عمتي ! ابويا السيد هنا ؟
: ايوة جاعد جوة اهو !
: طب عدي جدامي ! كنت رايح قين ؟!؟!؟!
: ابدا كنت هانادي ايمن يجضي طلب لابوك السيد ! تعالي اتفضل !
يدخل امامي صاعدا لدرجات مدخل البيت فاتحا باب لحجرة في الدور الارضي يدخلني فيها ويدخل من الباب الاخر لداخل البيت مناديا
: ابااااا ! ياباااا !!! غاوي ابن ابويا حمدي هنا !!!
اسمع صوت عمي يرد علي احمد
: طب ناديت ايمن يا ولا ؟!؟!؟!
: هو انا لحجت !؟!؟!؟
: طب روح انده له وانا داخل اهو !
اجد عمي داخلا للحجرة من الباب الداخلي لها اقف من مكاني ذاهبا له
: ازيك يابا السيد !؟ عامل ايه !؟ يارب تكون بخير !
يأخذني بين زراعيه بالاحضان ويرد
: اهلا ياواد يا غاوي ! ازيك انت وازي ابوك !؟ انا الحمد لله بخير ! ده احنا حصلت لنا البركة ! اجعود ياولا اجعود ! ازيك كدة !؟ وازي ابوك !؟
: الحمد لله بخير يابا ! وابويا بيسلم عليك !
: ازي مراتك ياولا ! وماجبتهاش معاك ليه !؟ مش عايزها تعرفنا ولا ايه ياولا !؟!؟!؟
: لاء ازاي !!! وده برضه كلام يابا السيد !؟ جاعدة في الدار مع عمتي مبروكة !
ينظر الي مبتسما وفي عينيه بريق لامع ثم يكرر السؤال
: ابوك عامل ايه ياولا !؟
: بخير الحمد لله !
: ده حصلت البركة !
: الله يكرمك يابا !
للحظات صمت يعتدل في جلسته واتأمل انا الحجرة ( ثلاث كنبات بلدي وحصيرة علي الارض علي الحائط اري صورة جدي عبدالله عم والدي وهو مستند علي عصاه زو اليد المعقوفة واري صورة عمي السيد بملابس الاحرام علي الحائط فوق رأس غمي وهو معتدل في جلسته وانا جالس في الجهة المقابلة له انظر للحجرة وما فيها فيبتسم قائلا
: اول مرة تيجي عندنا من بعد ماهدينا الدار !؟ ايه رائيك ؟!؟!؟!
: مش عارف يا عمي !!! الاول كان احسن !!!
يميل للامام مستنكرا
: نعمل ايه لاعمامك !!! عايزين ينعزلوا !!!
: خسروا كتير والله يا عمي !
: عارف يابن اخويا بس نعمل ايه !؟ حكم القوي !!!
يدخل خليفة من الباب الداخلي للحجرة
: اهلاااا ! ازيك ياواد ياغاوي ! عامل ايه يا ولا !؟ وايه اخبارك !؟ اقابله بالاحضان
: الحمد لله بخير ! زي البمب ! ادي انت شايف اهو !!!
نضحك سويا ثم يدخل ايمن يتبعه احمد من الباب الخارجي
: السلام عليكم ! ده النهاردة عيد واحنا مش عارفين !!! ازيك يا غاوي !؟ عامل ايه !؟
اقابل ايمن بالاحضان واسلم عليه
: الحمد لله بخير ! ازيك يا ايمن !؟ يارب تكون تمام ! العيال فين ؟! مش شايفهم ؟!
يرد عمي
: تلاجيهم جاعدين جوة من الحر ! عاملين زي الجرود ! من الصبح طالعين نازلين وعاملين لنا هوسة !!! واد يا ايمن !؟
: نعم يابا ؟!
: روح لابوك رجب خليه يتصل بسلامة الحداد يسأله خلص المجطورة ولا لسه !؟
: حاضر يابا !
ينصرف ايمن وانظر لعمي مندهشا واسأله
: مجطورة ايه يابا ؟! هو انتوا اشتريتوا جرار ؟!؟!؟!
ينفجر الجميع ضحكا وينظرون لي ويقول عمي
: دي مجطورة السباخ يا جحش ! ازداد دهشة واسأله
: هو السباخ له مجطورة ؟! يرد خليفة
: ده انت عبيط جوي ياواد يا غاوي ؟! انت بجيت مصراوي خالص !!!
اتظاهر بالغضب وارد عليه
: انتو اللي بجيتوا مش فلاحين ! فين الدار اللي كانت هنا !!! فين فرن الخبيز اللي كان دايما مولع وريحته تشدنا من اول البلد !؟!؟!؟ فين الزريبة اللي كانت دايما مليانة بهايم نشد منها اي حمار نركبه ونسرح به الغيط ؟!؟!؟! ده انا حسيت اني واجف في شارعنا في مصر وانا باتفرج علي البيت من برة !!!
: وانت تكره لنا النضافة ؟!؟!؟!
: نضافة ايه يابني اللي بتتكلم عنها ؟!؟!؟! هو احنا الاول كنا موسخين !؟!؟!؟
: ياعم النضافة حلوة برضه !!! والعيشة اتغيرت كتير !
اري عمي ناظرا لصورة جدي عبدالله علي الحائط وقد تغيرت ملامحه ولا ادري ان كان يسمعنا ونحن جالسين امامه ام لا يسمع ويشدني خليفة من يدي
: تعالي نسلم علي ابوك رجب تعالي !!!
: ماشي ! طب يابا السيد اروح اسلم علي ابويا رجب واشوف باقي اعمامي !؟
: ماشي يابني ! هاستناك نتغدو سوا !
: هو انت لسه ماتغديتش يابا ؟!؟!؟! الظهر ادن من ساعة !!!
يشدني خليفة من يدي ونخرج من الحجرة الي المدخل الي الشارع وندخل ممر صغير جانب البيت في نهايته باب صغير نجد انفسنا داخل عنبر طويل تقف فيه المواشي ارضيته مبلطة باحد انواع البلاط الصغير الحجم وفي المنتصف مجري للصرف مغطي بشبك حديدوعلي الجانبين اماكن لوضع الطعام للماشية
: ايه ده يا واد ياخليفة ؟! بهايم مين دي يا ولا !؟!؟!؟
: بتوعنا احنا وابوك رجب !
: وكلهم بقر ؟!؟!؟! مافيش جاموس ليه يا ولا ؟؟؟ وليه البقر فريزي ؟؟؟ فين البقر الاصفر بتاعنا ؟؟؟
يضحك بشدة ويقول
: ده انت طلعت مصراوي صحيح والله !!! تعالي !
يفتح باب جانبي في بعد مدخل العنبر لأجد اننا دخلنا علي طرقة بيت اخر نصعد درجتين للطرقة مطبخ علي اليمين يقابله حمام علي يسار الطرقة وحوض صغير للوش بجانب باب الحمام نهاية الطرقة صالة كبيرة بها حصيرة كبيرة وترابيزة عليها تلفيزيون كبير يعمل بصوت مرتفع تجلس امامه جدتي وردة وبجانبها عمتي شربات ابنة جدي احمد وزوجة عمي رجب وتقف ابنة عمي زينب بجانب باب احد الحجرات التي تطل علي الصالة نلقي السلام ونحن داخلين
: السلام عليكم !
: وعليكم السلام !!! مين معاك يا خليفة ؟!
: ده غاوي ابن ابويا حمدي !
: يا نهار ابيض !!! اهلا وسهلا اتفضلوا !!!
ترفع عمتي شربات طرحتها من فوق كتفيها لتضعها علي رائسها واتوجه انا الي جدتي وردة وانزل علي ركبتي مسلما عليها
: ازيك يا ستي !
تشدني من يدي لتأخذني في احضانها مقبلة وجنتي مرتان لكل جهة وتقول
: ازيك يا واد يا غاوي !! وازي ابوك !؟ ومراتك ازيها يا واد !؟ العيال جالو لي انها حلوة جوي يا ولا ! ماجبتهاش معاك ليه ؟!؟!؟!
انظر اليها مبتسما ولا استطيع الرد بعد ان حررت نفسي من احضانها وانا اشعر باني عاجز عن الكلام واتوجه لعمتي شربات مصافحا لها تشد علي يدي بكلتا يديها مكررة نفس كلام جدتي وردة وانا مبتسما كالابله ولا استطيع الرد اقف علي قدمي متوجها لزينب ابنة عمي رجب اسلم عليها واذ بها تكرر كلام امها وجدتها واسمع صوت جدتي من خلفي متصنعة الغضب
: شوفوا الواد مابيردش عليا ازاي !!! وارد بسرعة
: ابدا والله يا ستي هو انا ملاحق !؟!؟!؟ كله اسئلة ورا بعضها ! ومش عارف اقول ايه ؟!
يضحك خليفة بشدة من خلفي فألكذه بكوعي محاولا الهروب من الخجل فيرد اللكذة بدفعي للامام وارد موجها كلامي لجدتي وردة
: الحمد لله يا ستي ! وابويا بخير وبيسلم عليكي !
: ماجبتش مراتك معاك ليه ياولا !؟!؟!؟
: في الدار يا ستي مع عمتي مبروكة ! الدنيا حر عليها !!!
ترد عمتي شربات
: هي هنا ؟!؟!؟! اخص عليك !!! مش كنت تجيبها وياك يا غاوي ؟!
ينقذني خليفة بالسؤال عن مكان عمي رجب وترد زينب
: جاعد برة في البراندة ( في مدخل البيت بعد صعود عدة درجات نترك مساحة صغيرة تطل علي الشارع نجلس فيها ونسميها البراندة )
نجد عمي رجب جالسا علي الكنبة يقف امامه ايمن واحمد اولاد عمي السيد ولم يبلغوه بما قال عمي السيد بعد ويجلس علي الارض حسام وسامي اولاد عمي رجب يتناولون غدائهم نلقي التحية ونحن داخلون
: السلام عليكم !
: وعليكم السلام ! اهلااااااااااا غاوي !
يقوم حسام وسامي من جلستهم واتوجه لعمي رجب يشدني لحضنه
: ازيك يا واد يا غاوي ! وازي ابوك !؟ عامل ايه !؟ وجاي من عند ابوك السيد كمان ؟1 مع انا بيتنا في الاول !؟
: اول ايه واخر ايه بس ؟!؟!؟! هو انا عارف لكم اول من اخر ؟؟؟
: اول مرة تيجي عندنا من بعد ماتهدت الدار ! ايه رائيك ؟!؟!؟!
: مش عارف يا عمي ! الاول احسن !!!
اهرب منه واسلم علي حسام وسامي الذين لا يزالوا واقفين حاضنا ومقبلا لهم واسمع صوت عمي من خلفي
: الاول احسن ؟!؟!؟! ده انت وش هم !!! هي النضافة وحشة يا ولا ؟! يرد خليفة
: جول له يابا رجب والنبي !!! ارد عليهم متوجها لعمي
: هو احنا الاول كنا موسخين ؟! يرد حسام ابن عمي رجب
: لا طبعا بس احنا دلوقت انضف انظر اليه واقول
: مش عارف ! لكن علي العموم مبروك ولو انها متأخرة !
يضحك الجميع ويتقدم ايمن الي عمي رجب مخبرا اياه بما قال عمي السيد فيرد عمي رجب
: جول لابوك اني رايح لسلامة الحداد بعد صلاة العصر ان شاء الله ومش راجع غير لما يخلص للحام المجطورة !
: حاضر يابا رجب !
ينصرف ايمن ومعه اخوه احمد واجلس انا بجانب عمي اما خليفة فيجلس مع حسام وسامي علي الارض ساحبا رغيف عيش ويأخذ قطعة جبنة قريش ويأكل معهم ثم يقوم واقفا ويقول
: حلوة الجبنة دي ياض يا حسام ! منين جبتوها ؟! يرد حسام
: عمتك شربات اشترتها امبارح من دار عطالله !
: بكام الكيلوا يا ولا ؟!؟!؟!
: تمانيه جنيه ولاد الحرامية !!!
اقف مندهشا واسألهم
: وهي ماعملتش جبنة ليه ؟؟؟ يرد حسام
: مافيش للبن !!!
: البهايم دي كلها ومافيش للبن !!!!!
: اللبن عندنا بيتورد كله !
: والبيت مالوش منه ؟!
: لما بنعوز شوية بناخد !
ينظر خليفة الي ويقول مبتسما
: والله ماحد فاهمك ياوش الهم غيري ! ارد عليه
: ياعم اسكت انت ! وجال بتجول عليا مصراوي ؟!؟!؟! جاتك الهم ! ده انت اللي طلعت مصراوي !!!
: يابني انت راجع لنا من ايام مايعلم بيها الا ربنا !!!
: والايام دي حلوة يعني ؟!؟!؟!
: زي الفل ياخويا ! واحنا جدامك اهو مية مية !!!
اجلس مرة اخري بجانب عمي رجب وقد تغيرت ملامحي تدور في رائسي عدة اسئلة ابدائها بسؤالي لعمي رجب
: ايه حكاية مجطورة السباخ دي يابا رجب ؟!؟!؟! هو انتوا اشتريتوا جرار زراعي ؟؟؟
: جرار ايه بس ياولا ! دي عربية كارو صغيرة بيجرها الحمار ! علشان ماينفعش يحولوا السباخ زي زمان !
: هو مش كوم وانتو بتاخدوا منه اللي تحتاجوه ؟!؟!؟!
: لا الكوم ده كان زمان ! دلوقت بننضف الزريبة بخرطوم الميه ! وينزل السباخ علي خزان تحت العنبر ! وكل سنة بننزح الخزان مرتين حسب خدمة الارض !
: مش المية دي بتبوظ السباخ يابا رجب ؟!؟!؟!
: شوية ! بس كدة انضف واسهل وبعدين احنا بنخزن منه عند الغيط وبينشف من تاني !!!
ادير وجهي الي الشارع واجدني اتذكر ايام طفولتي حين كان احد اعمامي يحمل السباخ في غبيط علي ظهر الحمار ( الغبيط عبارة عن شوال مستطيل الشكل يستخدم كعبوة لنقل الاحمال ) واسوقه انا الي الغيط ماشيا خلف الحمار اوجهة واقيم وزن الغبيط علي جانبي الحمار طوال الطريق وحين اصل الي الغيط اختار المكان الذي افرغ الحمولة فيه ثم اركب الحمار عائدا للدار علي مدي ثلاثة ايام نستمر خليفة وانا في تحويل السباخ للارض ويشترك اعمامي كلهم في تحميله لنا او في نشره في الارض بعد ان نوصله لهم . كم كانت ايام جميلة نتسابق فيها انا وخليفة علي عدد مرات النقل او سرعة الوصول دون ان ننهك الحمير او نقسوا عليها يشدني عمي رجب ويقول
: مالك يا واد يا غاوي ؟!؟!؟! سرحان في ايه ؟!
: ابدا ! افتكرت زمان لما كنا بنحول السباخ انا وخليفة !
يرد خليفة بسرعة ضاحكا
: والله يابا رجب اني كنت عارف هايجول ايه ! ده وش هم وانا اللي عارفه ! ايامه كانت كلها بهدلة !
ارد عليه متظاهرا بالضيق
: انت ماسك لي من الصبح في النضافة والبهدلة ؟!؟!؟! ومش باصص لاي حاجة تانية !؟
: حاجة ايه يابني انت ؟!؟!؟!
: بص للعيلة اللي كانت متجمعه مع بعضها !!! بص لهم بيساعدو بعض ايد بأيد وكتف بكتف ! بص لنا لما كنا بنجري وسط اهلنا اللي يسدوا عين الشمس ولا حد يهمنا ! وان غلطنا ماحدش يقدر يبص لنا بعينه غير لما يردو علي كبيرنا ! وان حبينا نجضي طلب ماحدش يأجله !!! بص لو حد فينا تعب ولا رجد في الدار يلاجي الدار بالكامل كلها جنبه ! حاجات كتير زي كدة لو فضلنا نعدها مش هانخلص ! تقدر تجول لي امتي نجدر نشوف العيلة كلها متجمعه ؟!؟!؟!
: في اي عزاء في البلد تلاجيهم متجمعين كلهم ! يرد وهو مبتسم
: بالزمة مش مكسوف ؟!؟!؟!
تدخل زينب تحمل صينية الشاي في يدها ينظر اليها عمي نظره اعرفها جيدا ويهدر موجها كلامه لها
: مش تجيبي الغدا الاول يابنت الـ........ ترد زينب بسرعة
: ده ليكم انتو يابا !! لكن امي بتوضب الغدا جوا علي الصينية الكبيرة !
ارد عليها مسرعا
: لاء ! جولي لها ماتعملش حاجة !! اني هاشرب الشاي مع ابويا رجب وامشي ! يرد عمي
: تمشي فين يا ولا !؟!؟!؟
: اروح اسلم علي بقية اعمامي !!!
: اجعد واتهد لما تعدي الجيالة ( القيلولة ) ارد عليه ضاحكا
: الجيالة دي عندكم انتو ! احنا المصاروة بنمشي في اي وقت !!
: اجعد يا للمض الشمس حامية النهاردة !!!
: لا معلش ياعمي ! انا لسه هاروح لاولاد سيدي احمد ! ولازم اعدي عليهم كلهم !!!
ينظر الي متعجبا ثم يقول
: طيب ماتنساش ! لازم تعدي علي ابوك علي ضروري ! كان تعبان الاسبوع اللي فات وكاشقين عليه في المركز ! ( المركز مدينة تتبع لها عدة قري اداريا ) وماشفتوش من يومين !!
: الف سلامة عليه ! يبقي اروح له هو في الاول !
: جالك الهم ! قلبت عليا المواجع !! يضحك خليفة قائلا
: ايامه كلها كانت هم يابا رجب ! ارد عليه
: والله يا عم كانت احلا ايام !
: بجي انت عايز تجمع العيلة زي زمان ؟!؟!؟! جول للزمان ارجع يا زمان !!!
: وليه لاء !!! يابني العزوة حلوة !!! واحنا خسرنا كتير !
: يعني الدار هي اللي هاتجمعهم ؟!؟!؟!
: مش الدار يا مغفل !! نظام الدار هو اللي يجمعهم !!!
: انت عبيط ياعم ؟؟؟
: اه ياعم انا عبيط ! فيه حاجة ؟؟؟ مش عاجبك ؟؟؟؟؟
: انت عارف انت بتقول ايه !؟!؟!؟ كانت ايام سودة الله لا يعيدها علينا ! ده انت صحيح غاوي هم !
: ايوة يابني انا عارف انا باقول ايه ! والله ياعم كانت احلي ايام حياتي ! تحب تبدل ؟؟؟
( نظرة ذات بريق لامع لا اجد لها معني إلا المكر في عينيه )
: علي العموم دار الخزين في الوسطاني لسه ماتهدتش خدها ياخويا وروح اجعود فيها لما نشوف هاتهبب ايه !؟
بعد ان شربت الشاي استئذنت عمي منصرفا لأكمل باقي زياراتي وبدائت بالفعل بزيارة عمي علي في بيته . ماهذا ؟! المساحة لفرد واحد ! ونفس المساحة لفردين ! وايضا نفس المساحة لخمسة افراد ؟؟؟ . يا الهي ما هذا التفاوت في الاحوال بين اعمامي ؟!؟!؟! هل يدركون ماهم فيه الآن ؟؟؟ . الدار الكبيرة قسموها لثلاثة اقسام متساوية .
ابي وعمي محمد في قسم لجدي محمد , وعمي السيد مع عمي رجب في قسم لجدي عبدالله , واعمامي علي , وشكري , ومجدي , وصبحي , ومحمود في قسم لجدي احمد .
بقي قسم ابي وعمي علي نفس حالته القديمة تعيش فيه مبروكة . اما قسم جدي عبدالله اقتسمه عمي السيد مع عمي رجب في منزلان زرتهم لتوي . ولكن قسم جدي احمد له العجب !!! اقتسمه اعمامي الخنسة بشكل عجيب كل منهم حسب حاجته ! منهم من اعتزل الزراعة واتجه للوظيفة عمي محمود , ومنهم من توجه للتجارة في الحبوب عمي شكري مع عمي صبحي , وبقي عمي علي مع عمي مجدي يزرعون الارض . ولكن للدنيا احوال عجيبة !!! انتبه من حالة الغيبوبة التي غرقت فيها علي يدين رقيقتين غاية في الصغر تحاولان شد اذني ومسك ياقة قميصي !!! انها شيماء ابنة خليفة زات العام ونصف يحملها عمها ايمن ويحاول وضعها علي كتفي وانا جالس علي باب المندرة البحرية اغرق في عالم اخر ولم انتبه لحضوره ولا ادري كم من الوقت وقف ينظر لي انظر للبنت علي يديه اجدها تبتسم لي وكأنها تنير الدنيا من حولي بهذه الابتسامة وتحاول التشبث في اكتافي احملها من ايمن واقف علي قدمي لادرك ان النهار قد قارب علي الرحيل وان الليل اوشك ان يقبل علينا امشي تجاه خليفة المنهمك في شوي الدرة اناوله الكوب الفارغ وارفع شيماء بكلتا يدي عاليا الاعبها فتزداد ابتسامتها وتزداد سعادتي بكم البرائة الذي اراه فيها انزلها لحجر ايمن الذي جلس بجانب خليفة حول النار واستئذن عائدا للدار حتي اري زوجتي وعمتي مبروكة قبل حلول الظلام وحين اصل للدار اسمع ضجيج وضحك بأصوات عالية يخرج من دارنا !!! ما هذا من كل هؤلاء !!! يالها من مفاجئة جميلة !!!!! كل نساء عائلتي حتي جدتي وردة مجتمعين في دارنا مع مبروكة وزوجتي للترحيب بها وسط عائلتنا ! وادخل ملقيا التحية عليهم ! اعرفهم كلهم وزرت بيوتهم طوال فترة العصرية وتبداء الاعدادات لسهرة من اجمل السهرات في حياتي !!! ولكن للسهرة حكاية اخري .


ماشاء الله اديب كمان تحتاج مراجعه لغويه لكن اقترح يكون العنوان حكايات عم غاوى
ردحذف